ME...

ME...
MUSCAT-OMAN 2005

Jumat, 25 Februari 2011

لمحة عن وضع الحديث

كتبه أندي رحمان

(يعرف وضع الحديث بالنظر إلى السند بوجود راو كذب في سنده وذلك بإقرار الواضع قولاً أو حالاً)
قال البخاري حدثني يحيى اليشكري عن علي بن جدير قال سمعت عمر بن صبح يقول أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم. قال العراقي في بيان اقرار الواضع حالا كأن يحدث بحديث عن شيخ ويسأل عن مولده فيذكر تاريخا يعلم وفاة الشيخ قبله ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده، فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده أوتنزل منزلة إقراره بالوضع
(أو عدم وجود السند البتة).
ومن ذلك قوله "لا أصل له" أو "لم أجد له أصلا".
(ويعرف الوضع بالنظر إلى متنه بأمور منها ركاكة ألفاظه)
وقال البلقيني وشاهد هذا أن إنسانا لو خدم إنسانا سنين وعرف ما يحب وما يكره فادعى إنسان أنه كان يكره شيئا يعلم ذلك أنه يحبه فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيبه.
وقيل إن المدار في الركة على ركة المعنى، والقول هذا يكون في غالب الحال لأن ركة اللفظ في الحديث كانت موجودة ومع ذلك لا يمكن حدوثه من عند الرسول الذي هو أفصح من نطق بلغة الضاد
وركة اللفظ فقط فلا تدل على الوضع لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى فغير لفظه بغير فصيح وإن صرح بأنه من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فكاذب
(وفساد معناه)
وكأن يفرط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير أو الوعد العظيم على الفعل الحقير. ومن ذلك حديث من فرح بدخول رمضان حرم الله جسده على النيران
وحديث إن لله ملكا اسمه عمارة على فرس من حجارة الياقوت طوله مد بصره يدور في البلدان ويقف في الأسواق فينادي ألا ليغل كذا وكذا ألا ليرخص كذا (وكذا مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة)
لأن ما في الكتب والسنة الصحيحة وحي فلا يمكن وجود الاختلاف في الوحي لأن ذلك من أمارات العجز وهو محال.كحديث لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله فوضع الاستثناء
(أو يباين المعقول) ومن ذلك ما رواه ابن الجوزي من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن حده مرفوعا أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت عند المقام ركعتين.
(ويناقض الأصول)، ومعنى مناقضته للأصول أن يكون خارجا عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة كذلك
(وجود القرائن الواضحة)
كأن يكون الراوي رافضيا فيروي الحديث في فضائل أهل البيت. ومن أمثلة ذلك ما أسنده الحاكم عن سيف بن عمر التميمي قال كنت عند سعد بن طريف فجاء ابنه من الكتاب يبكي فقال ما لك؟ قال ضربني المعلم. قال لأخزينهم اليوم حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعا معلمو صبيانكم شراركم أقلهم رحمة لليتيم وأغلظهم على المساكين. وقال مأمون بن أحمد الهروي في الشافعي حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا عبد الله بن معدان الأزدي عن أنس مرفوعا يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس. ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي.
(وتحرم رواية الحديث الموضوع إلا مبينا، ويحرم مطلقا العمل به مع اعتقاد صحته. والدواعي على وضع الحديث وروايته كثيرة منها الجهل بحرمة وضع الحديث والنية القبيحة على الإسلام والحسبة. ومن الضرر الكبير أن يظن ما ليس بموضوع موضوعا، فلينتبه على ذلك!!)

Materi Kritik Matan

1. Definisi matan hadis
2. Definisi kritik matan
3. Sanad dan matan hadis sebagai bagian yang tak terpisahkan
4. Takwil terhadap matan hadis sebelum dilakukan kritik matan
5. Mengulas contoh-contoh kritik matan yang dilakukan oleh shahabat (utamanya ummul mukminin Aisyah)
6. Era kritik matan: Zaman Rasulullah, masa tabi'in hingga abad IV, dan era kontemporer
7. Definisi mustahil terjadi
8. Pembedaan antara suprarasional (mukjizat), rasional, dan irrasional
9. Kemustahilan terjadinya kontradiksi antara Alquran dengan hadis atau antara hadis dengan hadis lainnya
10. pengenalan metode jama', nasikh-mansukh, tarjih, dan tawaqquf dalam memahami teks yang zahirnya kontradiktif
11. Penguatan konsepsi 'adalah sebagai kekhasan dari Kritik Matan
12. Penguatan konsepsi mua'radhah sebagai kekhasan Kritik Matan
13. Ciri hadis palsu dengan melihat sisi kebahasaan matan dan substansi matannya
14. Ciri lain dari hadis palsu berdasarkan matan: Tidak logis, bertentangan dengan ushul (kitab hadis yang mu'tabar), kontradiktif dengan Alquran atau hadis lain yang tidak bisa ditakwilkan
15. Praktikum Kritik Mata

لمحة عن نقد متن الحديث

جمعه: أندي رحمان بن عبد القهار

الحديث يتكون من السند والمتن كما هو معلوم. والحديث الصحيح ما صح سنده ومتنه معا. وإذا صح السند فغالب الأمر أن المتن تابع في صحته، ولو ظهر الإشكال في ذلك المتن فأولوه (تأويلا صحيحا). وإن لم يمكن التأويل فقاموا بنقد المتن وهو أمر قليل الوجود.
ودراسة الحديث لا يخلو من نقد السند ونقد المتن.ومعنى النقد هنا ليس نقدا على كون الرسول صلى الله عليه وسلم حجة وأنه نبي يوحى إليه بشريعة عينه الله تعالى بتبليغه وبيانه. فكل ما صح من الرسول حجة وشريعة. ودراسة السند جاء ببيان ما صح عنه وما لم يصح.
وعملية النقد للسند والمتن موجودة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وزعم بعض العلماء على أن نقد المتن جاء قبل نقد السند وأن الصحابة نقدوا سند الحديث بعد حدوث الفتنة بمقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه. واستدلوا بقول ابن سيرين "قلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم". وهذا زعم ضعيف لأن الرسول مدح بعض أصحابه وذم بعضا آخر وهذا من عملية نقد السند (يعني التوثيق والتجريح).
ومن أوضح دليل على وجود نقد السند في عهد الننبي قول الله تعالى "…إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا…"
فنقد السند والمتن كلاهما موجودان في عضر النبوة. والله تعالى أعلم.


المعياران في نقد المتن
قال الشافعي رحمه الله "لا يستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه إلا بصدق الخبر وكذبه، إلا في الخاص القليل من الحديث، وذلك أن يستدل على الصدق والكذب فيه بأن يحدث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله، أو ما يخالفه ما هو أثبت وأكبر بدلالات الصدق منه"
فنقد المتن يرجع إلى معيارين هما:
الأول التحديث بما لا يجوز مثله، وهو ما يستحيل حدوثه، سواء كانت هذه الاستحالة من الناحية العقلية أو من الناحية التاريخية. والثاني التحديث بما يخالف ما هو أثبت منه.
فأما التحديث بما لا يجوز مثله من الناحية العقلية بأن يكون متن ذلك الحديث مخالفا لما هو مقرر عقلا. قال السيوطي رحمه الله تعالى "ومن أوضح أمثلته ما أخرجه – أي الحاكم - في المستدرك من طريق عبيد بن غنام النخعي عن علي بن حكيم عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس قال "في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى". قال: صحيح الإسناد. ولم ازل أتعجب من تصحيح الحاكم له حتى رأيت البيهقي قال: إسناده صحيح ، ولكنه شاذ بمرة ."قال عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله "وهو كما قال، فإنه لا يعقل أن يوجد آدمان ونوحان وإبراهيمان إلخ، ولا دليل يدل لذلك من عقل ولا نقل"
وأما الاستحالة التاريخية فذلك بأن يكون متن الحديث مثضمنا لمعطيات تاريخية تخالف الحقائق التاريخية الثابتة. مثاله مارواه مسلم في صحيحه في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي سفيان، من طريق عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن ابن عباس قال "كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا نبي الله ثلاث أعطينهن، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها، قال: نعم. قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: نعم. قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: نعم".
قال الغماري رحمه الله "هذا الحديث شاذ منكر، حتى قال ابن حزم : إنه موضوع، واتهم به عكرمة بن عمار، لأنه يخالف ما ثبت في كتب السيرة، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج أم حبيبة وهي بالحبشة حين هاجرت إليها، وأصدقها النجاشي عنه أربعمائة دينار، ولما جاء أبوها أبو سفيان إلى المدينة لتجديد العهد بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل عليها فأراد أن يجلس على بساط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنزعته من تحته، وقالت: إنه بساط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنت مشرك، فقال: أي بنية؟! قد أصابك بعدي شر! وهذا متفق عليه عند أهل التاريخ.
وقول أبي سفيان : أريد أن تأمرني ، قال: نعم. قال القرطبي: ولم يسمع قط أنه أَمَّره إلى أن توفي، وكيف يخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوعد، هذا مما لا يجوز عليه، وأبو سفيان أسلم عام الفتح مكرها، وكان الصحابة لا يقاعدونه ولا ينظرون إليه لصنعه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالمسلمين في شكره، إذ لم يصنع أحد كصنعه.
ومعاوية لم يكتب الوحي، وإنما كان يكتب الرسائل، ولم يصح عنه إلا كتابة رسالتين، فالذين يقولون إنه كان يكتب الوحي مخطئون"
ثم التحديث بما يخالف ما هو أثبت فصور ذلك كثيرة، كأن يخالف أصلا قرآنيا، أو يخالف متن خبر الآحاد أصلا ثبت بالتواتر، أو يخالف الواقع، ونحو ذلك. فمن ذلك: رد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حديث فاطمة بنت قيس في المطلقة ثلاثا أنها لا سكنى لها ولا نفقة، لمخالفته ظاهر قوله تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة(
وكذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل".
فهذا الحديث يفيد أن الله خلق السموات والأرض في سبعة أيام، وهذا مخالف للقرآن ، وذلك لأن الله تعالى أخبر أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام.قال الله تعالى (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام)
قال ابن كثير "هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم فيه ابن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب الأحبار، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وقد اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعا ".
ومن ذلك ما روى مسلم أيضا عن معاوية بن الحكم السلمي قال: كانت لي غنم بين أحد والجوانية، فيها جارية لي، فأطلعتها ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة، فأسفت فصككتها، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فذكرت ذلك له، فعظم ذلك علي، فقلت :يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ادعها، فدعوتها، فقال لها: أين الله ؟!، قالت:في السماء، قال: من أنا؟، قالت: أنت رسول الله، قال فأعتقها، فإنها مؤمنة!
قال الغماري "الحديث شاذ لا يجوز العمل به، وبيان شذوذه من وجوه: أولا مخالفته لما تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا أتاه شخص يريد الإسلام سأله عن الشهادتين، فإذا قبلها حكم بإسلامه. وفي الموطأ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجارية سوداء، فقال: يا رسول الله علي رقبة مؤمنة، فإن كنت تراها مؤمنة أعتقتها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أن محمدا رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أعتقها". وهذا هو المعلوم من حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة.
وجاء حديثان مخالفان لحديث معاوية يؤكدان شذوذه. فروى البيهقي من طريق عون بن عبد الله بن عتبة حدثني أبي عن جدي قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمة سوداء، فقالت: يا رسول الله علي رقبة مؤمنة ، أتجزئ عني هذه ؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ربك؟، قالت: الله ربي ،قال: فما دينك؟، قالت: الإسلام، قال: من أنا؟، قالت: أنت رسول الله.قال: أفتصلين الخمس وتقرين بما جئت به من عند الله؟، قالت: نعم. فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ظهرها وقال: أعتقيها.
وروى أيضا من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن أبي سلمة عن الشريد بن السويد الثقفي قال: قلت يا رسول الله إن أمي أوصت إلي أن أعتق عنها رقبة ، وأنا عندي جارية نوبية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ادع بها.فقال: من ربك ؟، قالت: الله، قال: فمن أنا؟، قالت: رسول الله .قال: أعتقها فإنها مؤمنة.
وجاء حديث ثالث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أركان الإيمان في حديث سؤال جبريل، حيث قال "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" ولم يذكر فيها عقيدة أن الله في السماء.
وزاد بعض العلماء من أن العقيدة المذكورة لا تثبت توحيدا ولا تنفي شركا، فكيف يصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم صاحبها بأنه مؤمن؟!!..كان المشركون يعتقدون أن الله في السماء، ويشركون معه آلهة في الأرض..
قال الإمام مسلم في كتابه التمييز "حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا زياد بن حباب حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي خثعم حدثني يحيى بن أبي بكير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله ! ما الطهور بالخفين ؟، قال: للمقيم يوم وليلة ، وللمسافر ثلاث أيام ولياليهن".
قال مسلم: هذه الرواية في المسح عن أبي هريرة ليست بمحفوظة، وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لثبوت الرواية عنه بإنكاره المسح على الخفين.
وبعد أن ساق الرواية عن أبي هريرة في ذلك قال "ولو كان قد حفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أجدر الناس وأولاهم للزومه والتدين به، فلما أنكره للذي في الخبر من قوله: ما أمرنا أن نمسح على جلود البقر والغنم، والقول الآخر: ما أبالي على ظهر حمار مسحت أو على خفي" بان ذلك أنه غير حافظ للمسح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن من أسند ذلك عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم واهي الرواية ، أخطأ فيه سهوا أو تعمدا ".
فبجمع هذه الروابات ومقابلة بعضها ببعض تميز صحيحها من سقيمها

أهمية نقد المتن
فإنه من غير الخفي على المختصين في علم الحديث من المعاصرين أن موضوع نقد المتن الحديثي قد لقي في عصرنا اهتماماً بالغاً. وتتجلى أهمية هذا البحث في إبراز جهود علماء الجرح والتعديل في نقد المتن باعتباره ركيزة من أهم ركائزهم في نقد الرواة والحكم عليهم. وقد أغفل بعض الباحثين ممن كتبوا في موضوع نقد المتن الحديثي هذه الجهود، بل صرح بعضهم بأن كتب الرجال والعلل لا يوجد فيها نقد للمتن، مما يجعل الكتابة في هذا الموضوع ذات أهمية لبيان عدم سلامة هذه النتيجة. ولعلّ بيان عناية علماء الجرح والتعديل بالمتن الحديثي، ومعرفة الأسباب الموجبة لنقده عندهم، وحدوده، أن تكون من الأمور المساعدة على تهيئة المناخ العلمي لاستثمار تلك المعايير والطرق والوسائل في الجهود النقدية لعلماء الحديث المعاصرين الساعين لتنقية المصادر الحديثية.
ومصادر البحث الأساس التي ستستمد منها نقد المتن ستكون محصورة في كتب الرجال، وكتب العلل نظراً لكونها تمثل الجانب العملي التفصيلي لنقد مرويات الرواة.
زعم بعض الناس على أن نقد المتن وجد متأخرا بعد نقد السند. وهذا الزعم لا يصح لأن الصحابة ردوا بعض الأخبار بنقد المتن، وهم صدوق باتفاق غير أنهم ليسوا سواء في الضبط. فأكثر الصحابة ضابطون وبعضهم لا يتم ضبطهم.
أكثر أهل الحديث يعلون الحديث بنقد المتن بخلاف أهل الرأي المعاصرون يردون الأحاديث بدعوى نقد المتن. والفرق بين الطائفتين أن أهل الحديث يعلون المتن بناء على إحاطتهم الواسعة بالمتون الصحيحة والأصول الشرعية المتفق عليها؛ بناء على القاعدة الشرعية الأصيلة "رد المتشابه إلى المحكم".
وهذه القاعدة السابق ذكرها هي الأصل الأصيل الذي يُرجع إليه في نقد المتون، ولذلك لا يستطيع ذلك كلُّ أحد، بل لا يستطيعه إلا من أمعن في طلب النصوص الشرعية، وتشرب كلام الشارع حتى صار كأنه نفس من أنفاسه، وعرف مقاصد الشرعية المبنية على جل النصوص أو معظمها، وليس الأوهام الجاهلية التي يظنها بعض الناس مقاصد للشارع وليست كذلك!
فأهل الرأي فأحيانا يعلون المتن بناء على أصولهم القياسية وقواعدهم العقلية، فلا يقبل منهم ذلك لوجهين: الوجه الأول أن القواعد العقلية أمر مشترك بين البشر، فما لم يوافقهم العقلاء على كلامهم فلا عبرة به. والوجه الثاني أن النصوص التي ردوها ليست أولى بالرد من النصوص التي بنوا عليها قواعدهم؛ إلا إن كانوا على علم بالرواية وما ينبغي أن يقدم منها وما ينبغي أن يؤخر.

مفهوم المخالفة
نقصد بالمخالفة هنا أن متن الحديث الذي يرويه الراوي الذي يكون محل الدراسة عند علماء الجرح والتعديل يتعارض مع أحد الأصول التالية: صريح القرآن، أو صحيح السنة النبوية، أو الإجماع، أو قول راوي الحديث أو فعله.
ومما يؤكد أن علماء الجرح والتعديل التفتوا لهذا السبب بصورة أساسية، وجعلوه ركناً من أركان العملية النقدية في فحص الرواة والحكم عليهم، قال الحافظ ابن حجر: "مدار التعليل في الحقيقة على بيان الاختلاف،" وعلم العلل هو الجانب التطبيقي للعملية النقدية عند علماء الحديث، فالحكم على حديث أحد الرواة بأن فيه مخالفة هو من صميم علم العلل، ونتيجته: الحكم على الراوي إن تكرر منه مثل هذه المخالفات أن يحكم عليه بعبارة: "ضعيف، أو صالح، أو صدوق ليس بمتقن، أو متروك، أو ثقة له أوهام" ونحو هذه العبارات التي هي في حقيقة الأمر نتائج العملية النقدية التي يقوم بها علماء الجرح والتعديل قبل إصدار حكمهم على رواة الحديث النبوي، وبناء عليه فإن طرق ووسائل العمليات النقدية التي هي قواعد علم علل الحديث، تكون مرحلة سابقة على إصدار الحكم، وبهذا يتبين أن نقد المتن الحديثي بسبب المخالفة ركن من أهم أركان العملية النقدية لدى علماء الجرح والتعديل.
ومما يدل استعمال أئمة الجرح والتعديل لنقد المتن الحديثي بسبب مخالفته لظاهر القرآن من خلال كلامهم العام، ما ذكره ابن حبان -أحد علماء الجرح والتعديل المشهور- في سياق كلامه، وهو يقرر قاعدة عامة في معرفة الرواة بطريق الاعتبار، فقال: "ومتى عُدم ذلك -يعني وجود متابعة أو شاهد- والخبر نفسه يُخالف الأصول الثلاثة، علم أن الخبر موضوع، ولا شك فيه، وأن ناقله الذي تفرد به هو الذي وضعه".
ومقصوده بالأصول الثلاثة: الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة وقد صرح في موضع آخر من صحيحه أن الإجماع عندنا هو إجماع الصحابة، ويشهد لما ذكرته هنا بصورة قاطعة نص آخر لابن حبان ذكره في ترجمة أبي زيد الذي يروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حديث الوضوء بالنبيذ لمن لم يجد الماء، فقد قال في ترجمته: "أبو زيد، يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه، ليس يُدرى من هو، ولا يعرف أبوه، ولا بلده، والإنسان إذا كان بهذا النعت، ثم لم يرو إلا خبراً واحداً خالف فيه الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والنظر، والرأي؛ يستحق توضأ بالنبيذ." مجانبته فيها، ولا يحتج به روى عن ابن مسعود أن النبي. وقد قال الحافظ ابن عدي في نقده لهذا الحديث: "هو خلاف القرآن،" يعني في "فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا"، فدل ظاهر القرآن أنه حيث لا يوجد ماء طهور، فينتقل إلى التيمم، وظاهر الحديث السابق يعارض هذا حيث يدل على أن الماء الذي نُبذ فيه التمر، وتغير بذلك حتى سمي نبيذاً يغني عن الماء الأصلي الذي لم تتغير صفاته، ولذا قال ابن حبان وابن عدي، وهما من كبار أئمة الجرح والتعديل إن الحديث مخالف للقرآن وطعنا في راويه أبي زيد وهو المتفرد به عن ابن مسعود. وهذا مثال تطبيقي للقاعدة التي قررها ابن حبان آنفاً.
وأما مخالفة المتن الحديثي لمتن حديثي آخر، فهذا يوجد في كلام أئمة الجرح والتعديل بكثرة، ومن الأمثلة على ذلك، حديث تفرد به أبو قيس عبد الرحمن بن ثَرْوان عن هُزيل بن شُرَحبيل عن المغيرة بن شعبة قال: "توضأ النبي ومسح على الجوربين". فقد انتقد جمع من كبار أئمة الجرح والتعديل هذا المتن، منهم الإمام مسلم بن الحجاج الذي قال فيه: "أبو قيس الأودي، وهزيل بن شرحبيل لا يحتملان هذا، مع مخالفتهما الأجلة، الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا: مسح على الخفين، وقال: لا نترك ظاهر القرآن، بمثل أبي قيس، وهزيل".
والمقصود أن الإمام مسلماً يرى أن لفظة "الجوربين" ليست صحيحة، وعلل طعنه فيها بأن أبا قيس وهو المتفرد بها قد خالفه جمع من كبار الحفاظ فرووا الحديث عن المغيرة وفيه لفظة "الخفين" لا الجوربين، ثم ألمح إلى أن ظاهر القرآن يدل على وجوب غسل القدم في الوضوء كما تدل عليه الآية السادسة في سورة المائدة المعروفة بآية الوضوء، وما دام الحديث مشكوك في ثبوته بسبب المخالفة، فعليه لا يقال بجواز المسح على الجوربين عوضاً عن غسل القدمين في الوضوء، وهذا الكلام يدل على أن الحديث محتمل الثبوت، والقول بضعفه ليس بقطعي.
ومما يدل على أنه قد اختلفت وجهات النظر فيه، أن بعض النقاد ذهبوا إلى تصحيحه، ورأوا أنه غير مخالف لما رواه الآخرون عن المغيرة، وممن قال بصحته الترمذي وابن خزيمة وابن حبان.
والرأي الذي عليه كبار أئمة العلل أن حديث أبي قيس منكر؛ لمخالفته للمحفوظ عن المغيرة بن شعبة، قال ابن المديني: "حديث المغيرة رواه عن المعيرة أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل، إلا أنه قال "ومسح على الجوربين،" وخالف الناس،" وقال ابن معين: "الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس،" وهذا رأي سفيان الثوري، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم.
وبناء على كلامهم في هذا الحديث قال الإمام أحمد في أبي قيس: "يخالف في أحاديثه،" وقال أبو حاتم الرازي: "ليس بقوي، هو قليل الحديث، وليس بحافظ، قيل له كيف حديثه؟ فقال: صالح، هو لين الحديث،" وقال النسائي: "ليس به بأس" وهذه عبارة تدل على توسط الحفظ، وذهب ابن معين والعجلي وابن حبان وآخرون إلى توثيقه.
والمتضح من كلام مسلم، وابن المديني، وابن معين المنقول آنفاً، أنهم بنوا سبب تضعيفهم لرواية أبي قيس؛ لكونها مخالفة للمحفوظ عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وهذا إعلال متن بمتن، وإن كان أصل الحديث يروى عن الصحابي نفسه، مع أن من صحح الحديث كالترمذي وابن خزيمة وابن حبان يرون أن حديث أبي قيس يعد حديثاً آخر مستقل لا علاقة له بحديث الخفين المشهور عن المغيرة.
ومما يدل على عناية أئمة الجرح والتعديل بنقد المتون، وأنه ركن أساس من أركان العملية النقدية السابقة على إطلاق الحكم على الراوي، أننا نجد بعض العبارات الموحية بذلك، فمثلاً نجد عن الإمام أحمد بن حنبل أنه لما سئل عن أبي إسرائيل المَلائي واسمه إسماعيل بن خليفة العبسي، قال فيه: "خالف الناس في أحاديث،" وقال ابن عدي في الراوي نفسه: "عامة ما يرويه يخالف الثقات،" وهذا يشمل السند والمتن، ونجد كذلك الإمام أحمد حين سئل عن الحجاج بن أرطاة: لِمَ ليس هو عند الناس بذاك؟، فقال: "لأن في حديثه زيادة على حديث الناس، ليس يكاد له حديث؛ إلا فيه زيادة،" وسأل رجال أحمد عن الحجاج: ما شأنه؟، فقال: "شأنه أنه يزيد في الأحاديث،" والمقصود هنا زيادة المتون لا زيادة الأسانيد؛ لأن الناظر في حديث الحجاج بن أرطاة يجد أسانيده في الغالب قليلة الوسائط إذ هو من طبقة الأتباع، وهو معروف بالتدليس في الإسناد، وأهم أغراض التدليس تقليص وسائط السند لا زيادته، ثم لو أن الإمام أحمد أراد أنه يخالف غيره في الأسانيد لقال: " يخالف،" ولم يقل: "في حديثه زيادة" أو "يزيد في الأحاديث،" وقد نص الأئمة على بعض زياداته في المتون.
ونجد الإمام البخاري في نص نفيس يبين لنا سبب تضعيفه لعطاء بن عبد الله الخراساني، بناء على مخالفاته في المتون التي يرويه، فيقول: "ما أعرف لمالك بن أنس رجلاً يروي عنه مالك يستحق أن يترك حديثه غير عطاء الخراساني. قلت له: ما شأنه؟ قال: عامة أحاديثه مقلوبة: وأفطر في رمضان،" وروي عن سعيد بن المسيب: "أن رجلاً أتى النبي أصحاب سعيد بن المسيب يقول: سألت سعيداً عن هذا الحديث؟ فقال: كذب علي عطاء لم أحدث هكذا.
وروى عطاء عن أبي سلمة عن عثمان، وزيد بن ثابت في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة، وروى حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن عثمان أنه قال في المولي يوقف.
. وروى عطاء عن سعيد بن المسيب قال إذا أقام أربعاً صلى أربعاً، وروى داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب خلاف هذا. قلت له [القائل الترمذي]: فإن قتادة روى عن سعيد بن المسيب قال: "إذا أقام أربعاً صلى أربعاً،" مثل ما روى عطاء؟! قال محمد: أرى قتادة أخذه عن عطاء"
والبخاري -رحمه الله- له عناية بنقد المتون كما يظهر هذا في مواطن عدة من كتبه.
وعلى أية حال فمما يؤسف له أن أغلب نصوص أئمة الجرح والتعديل تكون مختصرة، غير مصحوبة في الغالب ببيان الأسباب، ولذا قلنا: إن النص السابق في تضعيف البخاري لعطاء الخراساني يعد من النصوص النفيسة؛ لقلة وجود أمثاله من النصوص المفسرة
ومن الأمثلة التي تدل على استعمال مخالفة المتن للمعروف من قول الراوي أو فعله عند أئمة الجرح والتعديل بوصفه سبباً من أسباب المخالفة المؤثرة في الحكم على رواة الحديث عندهم، ما جاء عن الإمام أحمد في الحارث بن فضيل الأنصاري فقد قال فيه: "ليس بمحمود الحديث،" وبيّن سبب حكمه على هذا الراوي حين ذكر عنده حديث الحارث هذا الذي يرويه عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن عبد الرحمن بن المِسور بن مخرمة عن أبي رافع عن عبد الله بن : "يكون أمراء يقولون ما لا يفعلون، فمن جاهدهم بيده..." فقال: "والحارث بن فضيل ليس بمحفوظ الحديث، وهذا الكلام لا يُشبه كلام ابن مسعود"
فنقد أحمد هذا المتن الحديثي الذي يرويه الحارث عن ابن مسعود مرفوعاً؛ لمخالفته لمذهب ابن مسعود رضي الله عنه في عدم الخروج على أئمة الجور وقتالهم، وعليه رأى أحمد أن الحارث ليس بمحفوظ الحديث، ومع هذا فأن الإمام مسلماً صحح الحديث؛ لتوثيقه للحارث، ولأنه لم ير في المتن ما يوجب النكارة.
ومثال آخر على هذا النوع من المخالفة -وهو في غاية النفاسة- ذكره الإمام مسلم عن عمر بن عبد الله بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً قال: يا رسول الله ما الطهور بالخفين؟ قال: "للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن،" ثم قال الإمام مسلم: "هذه الرواية في المسح عن أبي هريرة ليست بمحفوظة، لثبوت الرواية عنه بإنكاره المسح على الخفين وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح عن النبي.
حدثنا محمد بن المثنى ثنا محمد -هو غندر- ثنا شعبة عن يزيد بن زاذان قال: سمعت أبا زرعة قال: سألت أبا هريرة عن المسح على الخفين؟ قال: فدخل أبو هريرة دار مروان بن الحكم، فبال، ثم دعا بماء فتوضأ، وخلع خفيه، وقال: "ما أمرنا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم."
فقد صح برواية أبي زرعة، وأبي رزين عن أبي هريرة إنكاره المسح على الخفين، كان أجدر الناس وأولاهم للزومه.
والتعليل بمثل هذا النوع من المخالفة عند كثير من المختصين في الحديث اليوم، محل نظر؛ لأنه في نظرهم مخالف للقاعدة التي تقول: العبرة بما روى الراوي لا بما رأى، وفي ظني أن التعامل مع النص وفق وجهة النظر هذه سيكون من وجوه عدة. والأمثلة على هذا النوع من أنواع مخالفة المتن المؤثرة في الحكم على الرواة ليست بالقليلة، بل ذكر الحافظ ابن رجب أنها كثيرة في قوله: "قاعدة في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه، قد ضعف الإمام أحمد، وأكثر الحفاظ أحاديث كثيرة بمثل هذا